ثامر*، أب لأربعة أبناء ويبلغ من العمر ٣٤ عاماً، وهو صاحب ورشة الخير لصناعة الأثاث، وفخور جداً بذلك
قبل سيطرة داعش على الموصل، كانت ورشة الخير أحد أنشط الأعمال الحِرفيّة في المدينة، وكان يعمل فيها حوالي ٢٠ عاملاً، ولطالما زوّدت سكان الموصل بقطع أثاث جميلة وعالية الجودة
عندما احتل تنظيم داعش الموصل، أغلق ثامر ورشته ورحلَ مع عائلته إلى دهوك. "كل ما همّني آنذاك هو سلامة عائلتي" قال ثامر: "كنت أعرف الأضرار التي يمكن أن تتسبب بها الحرب، حيث أنني سبق وأن فقدّت يدي اليسرى في حرب عام ٢٠٠٣". بعد خمسة أشهر من النزوح، اضطرّت الأسرة إلى العودة إلى الموصل، لعدم قدرتها على تحمّل تكاليف المعيشة اليومية والسكن بالأجرة بعيداً عن الموصل
في الموصل، لم يكن على ثامر وأسرته دفع أية أجرة، لكن إعادة فتح العمل بدت أمراً مستحيلاً. رغم أن بناية ورشة الخير لم تتضرر، إلاّ أنّ جميع معداتها وآلاتها سُرِقَت أو دُمِّرت من قبل داعش
لا زال ثامر يحتفظ بذكريات مؤلمة عن المعاناة أثناء حكم داعش. إذ أنّ أعضاء التنظيم أعدموا ابن عمه لأنهم وجدوه يدخن سيجارة. سببّت تلك الحادثة صدمة كبيرة لثامر، أبقته وأسرته داخل منزلهم لفترة طويلة. لكن الحياة يجب أن تستمر، والانزواء في المنزل لم يكن حلاً عملياً. فاضطر ثامر إلى بأجر يومي في إحدى ورش النجارة حتى تحرير الموصل من داعش. وعندما تحسنت الأوضاع تدريجياً، عاد ثامر إلى ورشته وقام بتشغيل عاملين اثنين فيها، ثم أضاف إليهما اثنين آخرين
بدعم من صندوق تطوير المشاريع المُدار من قبل المنظمة الدولية للهجرة في العراق، تمكن ثامر من استعادة عمله
يقول ثامر: "جاءت هذه الفرصة في الوقت المناسب. لقد وسّعت من نطاق عملي وشغّلت ستة عمال إضافيين، ونحن الآن نقوم بتصميم قطع الأثاث أيضاً، وعملي يتطور يوماً بعد يوم". ويضيف: "أثّر دعم المنظمة الدولية للهجرة بشكل إيجابي على الكثير من جوانب حياتي، فأنا وأسرتي نشعر الآن براحة نفسية أكبر، لأننا نعلم أننا نستطيع أن نحيا حياة كريمة"
مصطفى* وهو أب لأربعة أبناء، ويبلغ من العمر ٣٩ عاماً، ويسكن الجانب الأيمن من الموصل مع أسرته ووالديه في منزل قديم.
كان لدى مصطفى بيت صغير ينعم بالأمن والطمأنينة، بجوار ورشة النجارة التي كان يعمل فيها. وعندما احتل داعش المدينة، اقتحم أعضاء من التنظيم دار مصطفى ذات ليلة، وخيرّوا الجميع بين مغادرة الدار أو الموت. فهرب مصطفى وأسرته إلى أربيل دون أن يتمكنوا من أخذ أي شيء معهم، عدا ما كانوا يرتدونه من ثياب. وفي أربيل، علموا فيما بعد أن داعش حوّل بيتهم إلى قاعدة عسكرية
ظلّ مصطفى يأمل بالعودة إلى الموصل وبعودة الحياة فيها إلى ما كانت عليه قبل داعش. ولكن بعد أن قتل داعش اثنين من أبناء عمومته، فقد مصطفى الأمل، وفضّل البقاء في أربيل والعمل بأجر يومي في قطاع البناء، من أجل دفع أجرة السكن وتكاليف المعيشة الأخرى، على العودة إلى الموصل
بعد تحرير الموصل، علِم مصطفى أن بعض الأعمال والورش الصناعية قد بدأت تعمل من جديد وأن أوضاعها تتحسن تدريجياً. وكانت ورشة الخير لصناعة الأثاث تبحث عن نجار آنذاك، فتواصل مصطفى مع الورشة طالباً العمل فيها. وبعد وقت قصير، تم قبول طلبه للعمل في الورشة
وعاد مصطفى وأسرته إلى الموصل مفعمين بالأمل. وسكنوا في البداية مع والديه، إلى أن تحسّن وضع الأسرة مادياً.
يقول مصطفى: "لدي الآن عمل، وأسرتي تعيش بأمان. وهذا كل ما نحتاجه"
أحمد*، أب لطفلين، ويبلغ من العمر ٣١ سنة؛ يعمل في ورشة الخير منذ شهر شباط ٢٠١٩. يصف فترة حكم داعش للموصل بأصعب فترة عاشها في حياته، ويضيف: "لقد متنا على يد داعش أكثر من مرّة"
تمكن ثامر أيضاً من تشغيل عمل جدد في ورشته. منهم نجيب*، وهو شاب عمره ٢٢ سنة ويعيش مع والديه في دار شبه مدمّرة في الموصل
قبل احتلال داعش للموصل، كان نجيب طالباً في الثانوية. ورغم أن والده، وهو سائق سيارة أجرة، لم يكن يجني الكثير من المال، إلا أن الوارد كان كافياً لتغطية الاحتياجات اليومية للعائلة. ترك نجيب الدراسة واضطر للعمل لكي يتمكن من مساعدة أسرته
يتذكر نجيب: "كنت أعمل بأجر يومي في المزارع، أو كعامل تنظيف في المعامل، بأجور منخفضة جداً"
إنّ دعم المنظمة الدولية للهجرة في العراق لورشة الخير للأثاث، خلق فرص عمل للعديد من الناس في الموصل؛ من ضمنهم نجيب، الذي يتمتع حالياً يعقد لعام واحد مع الورشة. "أنا سعيد بعملي الجديد" يقول نجيب، ويضيف: "أجري الشهري هو ٥٠٠ دولار أمريكي، وأنا أتعلم مهارات جديدة من شأنها أن تفيدني في المستقبل. فشكراً للمنظمة الدولية للهجرة"
ورشة الخير لصناعة الأثاث مدعومة من قبل صندوق تطوير المشاريع، وهي مبادرة بتمويل مشترك من وزارة الخارجية الأمريكية ومكتب الولايات المتحدة للسكان واللاجئين والهجرة (PRM)
* تم تغيير أسماء الأشخاص وتفاصيلهم التعريفية، من أجل حماية خصوصيتهم