EDF

أقوى من الحديد - قصص عن الإرادة والتكيُف

تأسس مصنع الحديدي للخراطة في الموصل عام 1979، وكان آنذاك معروفاً بعمله العالي الجودة في جميع أنحاء العراق، وبتخصصه في صناعة معدّات الآبار وأنظمة المياه. وكان للمصنع في ثمانينيات القرن الماضي، عملاء من جميع أنحاء البلاد، وكان يعمل فيه 40 عاملاً

حمدي، البالغ من العمر 49 سنة، هو المالك الحالي للمصنع. كان في طفولته معتاداً على زيارة المصنع برفقة والده، مؤسّس المصنع، وهو ميكانيكي ذي خبرة طويلة وطموح كبير

يقول حمدي: "لقد ربحتُ أُسَـراً كثيرة من خلال هذا المصنع، بما في ذلك أسرتنا"

على مدى 40 عاماً تقريباً، بدا المصنع وكأن لا شيء يمكن أن يوقف دوران عجلته المستمر، لا حرب الثمانينات، ولا العقوبات الاقتصادية على العراق في التسعينيات

وعندما غزا داعش الموصل في عام 2014، توقف مصنع الحديدي عن العمل، نتيجة احتلال داعش للموصل ثاني أكبر مدن العراق. وأصيب المصنع بصواريخ أثناء معركة استعادة المدينة، وتضرر بناؤه بشدّة

وعانى المصنع أيضاً من فقدان القوى العاملة، إذ غادر معظم عماله الموصل إثر احتلال داعش للمدينة، بينما نزح آخر يدعى "صمد" إلى أربيل مع أسرته؛ بعد أن أصيب منزله بقذيفة هاون وأصيبت ابنته بجروح خطيرة خلال المعركة

بقي المصنع مفتوحاً، لكن أسرة حمدي وحدها بقيت

أوضح حمدي قائلاً: "كنا نخشى من احتلال داعش للمصنع إذا قمنا بغلقه. لذلك تظاهرنا أننا ما زلنا نعمل فيه كما كنا في السابق". لكنّ الأمور تعقدت عندما ظهر عناصر من داعش فجأة في المصنع يوماً ما، واختطفوا شقيق حمدي بهدف الضغط على الأسرة وجعلها تصنع أدوات تعذيب وموت
" أرادوا مني صنع أسلحة وأنواع أدوات تعذيب بشعة. تلك كانت أفظع تجربة مررت بها في حياتي" تابع حمدي. "لم أستطع مغادرة الموصل، لذا اختبأت عنهم إلى أن تحررت المدينة"

طلب داعش فدية عالية للإفراج عن شقيق حمدي؛ وتمكن حمدي وإخوته من جمعها ودفعها والإفراج عن أخيهم

أضاف حمدي: "عاد أخي، لكنه لم يكن يعرفنا". "لقد أصابته المخدرات التي أعطوها إياه، والتعذيب الذي تعرّض له بصدمة بالغة"

بعد أن تحررت الموصل من داعش؛ أعاد حمدي فتح مصنعه، لكنه كان قد فقد مجده السابق. إذ أصيب جزء من المبنى بدمار تام، ولم يعد هناك أي عامل ماهر يُعتَمد عليه. والأسوأ من ذلك كله، أنّ شقيق حمدي، الميكانيكي المتخصص، لم يعد قادراً على العمل.

اختارت المنظمة الدولية للهجرة مصنع الحديدي للخراطة، كمستفيد من منحة صندوق تنمية المشاريع EDF، ومنحت حمدي مبلغاً قدره 33.000 دولار أمريكي على دفعتين

"كانت هذه أكبر فرصة حصلت عليها في حياتي" قال حمدي. "كنت في غاية الحزن، بعد خسارتنا الجسيمة بسبب النزاع؛ والمواجهة لم تكن سهلة". "لقد ساعدتني هذه المنحة في النهوض مرة أخرى، وأشعر أنني الآن أقوى"

بحصوله على الدفعة الأولى من المنحة، قام حمدي بترميم مبنى المصنع، وتشغيل أربعة عمال. وبالدفعة الثانية، اشترى المعدات والآلات التي يحتاجها وشغّلَ سبعة عمال آخرين

إنّ إعادة تأهيل المشاريع المحلية، تشجّع على عودة النازحين، وهذه العملية هي المبدأ الأساسي لصندوق تنمية المشاريع. والعامل صَمَد، الذي كان أحد عمال مصنع الحديدي في السابق أفضل مثال على ذلك، بعد أن عاد من أربيل التي نزح اليها أملاً في علاج ابنته المصابة

قال صمد: "ساعدني مصنع الحديدي بطريقتين: الأولى، أنني عدت إلى منزلي وعملي السابق. والثانية، أنّ منظمة غير حكومية سوف تدفع تكاليف علاج ابنتي"

فضلاً عن تشجيع العودة المستدامة وإعادة الإدماج، فإن مبادرات مثل صندوق تنمية المشاريع تعزّز الاقتصاد المحلي من خلال توفير منتجات وصناعات محلية عالية الجودة، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد من الخارج

ومن خلال الاستثمار في القطاع الخاص وتعزيز الطاقة الإنتاجية المحلية، تدعم المنظمة الدولية للهجرة في العراق، القطاعات المستهدفة التي لها تأثير كبير على الانتعاش الاقتصادي وخلق فرص العمل. ويعّد مصنع الحديدي للخراطة مثالاً على الأثر الاقتصادي لمبادرات صندوق تنمية المشاريع، إذ من شأن عملية إعادة التأهيل أن تؤثّر إيجابياً على سلسلة القيمة المرتبطة بقطاع الريّ، والتي كانت قد تضررت هي الأخرى أثناء النزاع، مما خلق فرص عمل إضافية في القطاع

من خلال صندوق تنمية المشاريع EDF، تدعم المنظمة الدولية للهجرة في العراق غرفة التجارة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في سعيهما لمساعدة المشاريع على الامتثال لقوانين العمل العراقية ومعايير العمل ذات الصلة بالقطاع

مصنع الحديدي للخراطة، مدعوم من قبل صندوق تنمية المشاريع وهو مبادرة ممولّة من قبل البنك الألماني للتنمية KfW - The German Development Bank

بقلم: سازان جودن، بمشاركة آفند حسن. تصوير: هیرش یاسین/المنظمة الدولية للهجرة في العراق.

أحدث القصص

أرسل لنا ملاحظاتك