كونها إبنة لأم صمّاء، تعلّمت سُهى فريد ضياء التعاطف وتقديم الرعاية في وقت مبكّر. يوم ولادتها، التحق والدها بجبهة القتال إبّان الحرب الإيرانية العراقية عام 1988. ورغم الصعوبات التي تحيط بها في المنزل، تقول سُهى إن نشأتها في بيئة متحابّة عززت لديها الثقة. "تعلمتُ في سنّ مبكرة أن أكون بمثابة الأذُن لأميّ، وأن أفهم ما تريد قوله". تقول سُهى، وتضيف: "اضطراري منذ الصغر إلى معرفة ما كانت تقوله أمي، نمّى عندي الرغبة في مساعدة الآخرين، وعلّمني تحمّل المسؤولية".

سُهى اليوم فخورة بإدارة صيدلية السوسَن في تكريت. وفخورة أكثر بالنسوة العاملات معها في وقت تكافح فيه نسوة أخريات كثيرات من أجل العثور على فرصة عمل؛ كما إن ساها مبادرة دوماً في البحث عن وسائل تساعد في تطوير العمل.

بعد رؤيتها لإعلان عن صندوق تطوير المشاريع على موقع فيسبوك، قررت سُهى تقديم طلب للحصول على المنحة. وبعد بضعة أشهر في عام 2020، حصلت الصيدلية على منحة قدرها 15.100 دولار.

تم استخدام مبلغ المنحة لشراء عدد من الأجهزة الجديدة، بما في ذلك جهاز كمبيوتر ومعدات تحليل الجلد، وجهازاً يعطي المريض معايير التشخيص الأساسية دون الحاجة الذهاب إلى الطبيب. وكان هذا الجهاز ذا فائدة عظيمة، في بلدة يحتاج فيها المريض إلى الانتظار أسابيع أو أشهراً للحصول على موعد لزيارة الطبيب. أما الآن، فيقوم الجهاز بقراءة ضغط دم المريض، وقياس درجة حرارته، وقياس وزنه، وإعطائه مجموعة من النصائح لنظام غذائي صحي لقاء 5.000 دينار عراقي فقط (حوالي 3.50 دولار أمريكي). يتدفق المرضى إلى الصيدلية، ويضعون نقودهم في الجهاز ويحصلون على النتيجة، ثم يتجولون بين رفوف الأدوية والسلع المنزلية المجاورة. تحيّي سُهى زبائنها بحرارة، وتقدّم لهم المساعدة والتعليمات حول كيفية استخدام أدويتهم.

بفضل المنحة، وظّفت سُهى ثلاثة موظفين جدد لديها، من ضمنهم شيرين ساري، خريجة علوم الكمبيوتر التي كافحت من أجل العثور على وظيفة تناسب تخصصها بالعمل على النظام الإلكتروني للصيدلية.

عندما ينتهي يوم العمل، تعود سُهى إلى المنزل لتساعد والدتها التي تعتني بأبناء سُهى خلال النهار. بدأ زواج سُهى بالانهيار بعد سيطرة تنظيم داعش على تكريت في حزيران من عام2014. كانت سُهى قد خضعت لتوّها لعملية قيصرية أنجبت على إثرها ولداً في ذات اليوم الذي استولى فيه المسلّحون على نقاط التفتيش؛ ما اضطرها وابنها حديث الولادة وعائلتها إلى الفرار من تكريت.

أحدث الخلاف بين سُهى وبين زوجها حول اختيار مكان آمن للعائلة بعد هروبهم من داعش، شرخاً بين سُهى وزوجها الذي فضّل البقاء مع والديه، في حين اختارت سُهى وأسرتها الذهاب إلى بغداد عبر طريق محاذٍ للحدود الإيرانية في رحلة استغرقت 8 ساعات. "عليك أن تفعل كل ما في وسعك للحفاظ على عائلتك متماسكة. لكن مثل هذه المواقف يمكن أن تمزّق الأسرة". تقول سُهى. وبعد تحرير المدينة من داعش، عادت سُهى إلى تكريت مع أسرتها واستأنفت العمل في الصيدلية.

منذ طلاق سُهى، تساعدها والدتها، گطيعة محلّ، على تربية أبنائها البالغين من العمر 8 و10 سنوات. "أنا أدعمها دائماً في كل ما تحاول القيام به، لأنني أعلم أنها قادرة على تحقيق ما تريد" قالت گطيعة بعينين متلألئتين وابتسامة عريضة.

إضافة إلى دعم والدتها وأطفالها، يعيش وليد شقيق سُهى البالغ من العمر 16 عاماً، مع العائلة أيضاً.  يقول وليد: "أنا فخور جداً بأختي، ومجرد رؤيتها يجعلني أشعر بالأمان عندما أفكر في مستقبلي، فهي تدعمني حتى في أحلامي". ويخطط وليد للسير على خطى سُهى وأن يصبح صيدلانياً في تكريت.

أحدث القصص

أرسل لنا ملاحظاتك